خمـريـــــة ابـــــن الفـــــارض


شَـرِبْنَا عـلى ذكْـرِ الحبيبِ مُدامَةً         سـكِرْنَا بها من قبل أن يُخلق الكَرْمُ
لـها البدرُ كأسٌ وهيَ شمسٌ يُدِيرُهَا       هـلالٌ وكـم يـبدو إذا مُزِجَتْ نَجم
ولـولا شـذَاها مـا اهتدَيتُ لِحانِها          ولـولا سَـناها مـا تصَوّرها الوَهْمُ
ولـم يُـبْقِ منها الدّهْرُ غيرَ حُشاشَةٍ      كـأنّ خَـفاها في صُدور النُّهى كتْم
فـإن ذُكـرَتْ في الحَيّ أصبحَ أهلُهُ             نَـشاوى ولا عـارٌ عـليهمْ ولا إثم
ومِـنْ بـينِ أحشاء الدّنانِ تصاعدتْ      ولـم يَـبْقَ منها في الحقيقة إلاّ اسمُ
وإن خَطَرَتْ يوماً على خاطرِ امرئِ          أقـامتْ بـه الأفـراحُ وارتحلَ الهمّ
ولـو نَـظَرَ الـنُّدْمَانُ خَـتمَ إنائِها                لأسـكَرَهُمْ مـن دونِـها ذلكَ الختم
ولـو نَـضحوا منها ثرَى قبرِ مَيّتٍ         لـعادتْ اليه الرّوحُ وانتَعَشَ الجسم

أزين نســاء العالميــن - العباس بن الأحنــــف




أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي ... دُعاءَ مَشوقٍ بِالعِراقِ غَريبِ
كَتَبتُ كِتابي ما أُقيمُ حُروفَهُ ... لِشِدَّةِ إِعوالي وَطولِ نَحيبي
أَخُطُّ وَأَمحو ما خَطَطتُ بِعَبرَةٍ ... تَسُحُّ عَلى القرطاسِ سَحَّ غُروبِ
أَيا فَوزُ لَو أَبصَرتِني ما عَرَفتِني ... لِطولِ شُجوني بَعدَكُم وَشُحوبي
وَأَنتِ مِنَ الدُنيا نَصيبي فَإِن أَمُت ... فَلَيتَكِ مِن حورِ الجِنانِ نَصيبي
سَأَحفَظُ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم ... وَأَرعاكُمُ في مَشهَدي وَمَغيبي
وَكُنتُم تَزينونَ العِراقَ فَشانَهُ ... تَرَحُّلُكُم عَنهُ وَذاكَ مُذيبي
وَكُنتُم وَكُنّا في جِوارٍ بِغِبطَةٍ ... نُخالِسُ لَحظَ العَينِ كُلَ رَقيبِ
فَإِن يَكُ حالَ الناسُ بَيني وَبَينَكُم ... فَإِنَّ الهَوى وَالودَّ غَيرُ مَشوبِ
فَلا ضَحِكَ الواشونَ يا فَوزُ بَعدَكُم ... وَلا جَمَدَت عَينٌ جَرَت بِسُكوبِ
وَإِنّي لَأَستَهدي الرِياحَ سَلامَكُم ... إِذا أَقبَلَت مِن نَحوِكُم بِهُبوبِ
وَأَسأَلُها حَملَ السَلامِ إِلَيكُمُ ... فَإِن هِيَ يَوماً بَلَّغَت فَأَجيبي
أَرى البَينَ يَشكوهُ المُحِبونَ كُلُّهُم ... فَيا رَبُّ قَرِّب دارَ كُلِّ حَبيبِ
أَلا أَيُّها الباكونَ مِن أَلَمِ الهَوى ... أَظُنُّكُمُ أُدرِكتُمُ بِذَنوبِ
تَعالَوا نُدافِع جُهدَنا عَن قُلوبِنا ... فَنوشِكُ أَن نَبقى بِغَيرِ قُلوبِ


أشـعـــــــــــار







أنشـــودة المطـــر - بـــدر شـاكر السيـــــاب


عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر 
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
... يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحر
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم 


وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُ والضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر